بين خطبة الأزهر ونفي وزارة الصحة.. ما حقيقة انتشار فيروسات تنفسية جديدة في مصر؟

في ظل تباين الأصوات وتضارب المعلومات، يجد المواطن نفسه في حالة من القلق بشأن انتشار عدوى فيروسية تنفسية، فبينما كانت خطبة الجمعة الماضية من جامع الأزهر، والمذاعة على القناة الأولى بمثابة دعوى تحذيرية صريحة للمصابين بأي أعراض تنفسية للالتزام بالعزل المنزلي والابتعاد عن المخالطة منعًا لانتشار العدوى، يأتي النفي الرسمي من وزارة الصحة لوجود أي فيروسات تنفسية منتشرة في مصر حاليًا.

حيث تدفقت عبر صفحات التواصل الاجتماعي المئات من المنشورات والأخبار عن حالات إصابة فعلية بين الأطفال في المدارس وأيضًا البالغين.

تناقلت بعض صفحات التواصل الاجتماعي شائعات حول خطبة الجمعة الماضية 21 من نوفمبر 2025م، المذاعة من الجامع الأزهر الشريف، مدعية أنها تضمنت تحذيرات من انتشار فيروس تنفسي في مصر.

في الحقيقة كانت الخطبة بعنوان: "كن جميلًا ترَ الوجودَ جميلًا"، وقد ألقاها فضيلة الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الأسبق والأمين العام لهيئة كبار العلماء. ورغم أن الخطبة بُثت على قنوات التلفزيون المصري ونُشرت عبر الحساب الرسمي لـ"الجامع الأزهر"، فإن ما ورد فيها بشأن الصحة لم يتجاوز كونه توعية عامة ونصائح إرشادية للجمهور حول أهمية اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة ضد أي عدوى فيروسية موسمية، خاصة في فصل الشتاء، دون الإشارة إلى تفش وبائي بعينه.

وجاء في نص الخطبة: "من يصاب بنزلات البرد وغيرها من الأمراض المعدية يلزمهم شرعًا أخذ الاحتياطات اللازمة لعدم الإضرار بالآخرين، عبر اعتزال أماكن تجمع الناس أو اتخاذ أقصى أسباب الوقاية عند الاضطرار للخروج، لأن هذا واجب مستند إلى قاعدة "كف أذاك عن الناس" المذكورة في الحديث الشريف: "كُفَّ أَذَاكَ عَنِ النَّاسِ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ تَصَدَّقُ بِهَا عَلَى نَفْسِكَ".

وأضاف شومان: "من يصاب بأي من هذه الأمراض المعدية، عليه الابتعاد عن أماكن الزحام، وللعاملين بالمصانع أو الهيئات الحصول على فترة راحة، وعلى المسئولين عن هذه الهيئات الاستجابة لطلبات المصابين ومنحهم إجازة مدفوعة الأجر، لضمان حماية باقي الموظفين".

كما حذر من: "خطأ بعض الآباء والأمهات الشائع في إخفاء مرض أطفالهم المعدي وإرسالهم إلى المدارس"، معتبرًا هذا الفعل إيذاءً متعمدًا وخيانة تخالف القاعدة الشرعية: "لا ضرر ولا ضرار".

أوضح الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة والسكان، خلال مداخلة هاتفية عبر برنامج "حضرة المواطن" على قناة "الحدث اليوم"، أن الارتفاع الحالي في معدلات الإصابة بالفيروسات التنفسية يعد أمرًا طبيعيًا ولا يختلف عن المعدلات المسجلة في نفس الفترة من السنوات السابقة.

وشدد عبد الغفار على أنه: "لا يوجد فيروس جديد أو خطر لم يكن معروفًا من قبل"، مما ينفي وجود أي فيروس وبائي مستجد. مضيفًا: "أن أكثر الفيروسات المنتشرة حاليًا هو فيروس الإنفلونزا من النوع "A".

كما شدد على ضرورة الالتزام بالتطعيمات اللازمة ضد الإنفلونزا الموسمية، داعيًا إلى أخذ الإجراءات الاحترازية بعين الاعتبار لتفادي خطر الإصابة بأي فيروسات تنفسية، كما نوه إلى إمكانية الاتصال بالخط الساخن للوزارة 105 للشكاوى.

وفي سياق متصل، أعرب الدكتور حسام عبد الغفار، خلال تصريحات تلفزيونية ببرنامج "الحكاية" مع الإعلامي عمرو أديب، عن عدم وجود علاقة بين الأمراض التنفسية المنتشرة خلال هذه الفترة وفيروس ماربورج أو الحمى النزفية. مشيرًا إلى أن فيروس ماربورج ينتقل عن طريق سوائل الجسم وليس الهواء، ومصدره خفافيش الفاكهة غير الموجودة في مصر.

وأضاف عبد الغفار: "الفترة من أكتوبر وحتى ديسمبر تشهد انتشار الفيروسات التنفسية على مستوى العالم، بما في ذلك مصر".

وجه الدكتور حسام عبد الغفار عدة نصائح لتجنب إصابة الأطفال في المدارس بالإنفلونزا، ومنها:

- تطعيم الطفل بلقاح الإنفلونزا الموسمي إذا لم يحصل عليه بعد (خصوصًا الأطفال من 6 أشهر إلى 5 سنوات).

- إبقاء الطفل في المنزل فور ظهور أي أعراض (ارتفاع في درجة الحرارة - سعال - احتقان - إرهاق) حتى يتحسن تمامًا لمدة 24 ساعة على الأقل من دون خافض للحرارة.

- تعويد الطفل على غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون، واستخدام المنديل عند العطس أو السعال.

- وإذا كان الطفل يعاني أمراضًا مزمنة (ربو - أمراض قلب - ضعف مناعة)، يفضل استشارة طبيب الأطفال قبل العودة للمدرسة في حال وجود أي أعراض تنفسية.

بالإضافة إلى الجهود اليومية المتواصلة من جانب وزارة الصحة والفرق الطبية للترصد الوبائي عن معدلات الإصابة بالإنفلونزا الموسمية - فيروس التنفس المخلوي RSV - الفيروسات الشائعة الأخرى، على مستوى الجمهورية والتأكد من أن معدلات الإصابة السنوية كما هو متوقع في نفس الوقت من كل عام أم تزداد، ويتم الإعلان عن أي تطورات جديدة بكل شفافية، ولا يوجد أي انتشار غير معتاد أو فيروس جديد يدعو للقلق.